♦ أ. د. درية كمال فرحات *
كان يا ماكان في قديم الأزمان" عبارة تربّى الكثير منّا عليها، فما من طفل إلّا وعشق الحكايات، وكان ينام على صوت والدته وهي تهدهد له وتروي حكاية تسهم في نومه، بل إنّ هناك سلسلة ظهرت سمّيت بحكايات جدّتي. ومن الواضح أنّ بداية الحكاية كان حكاية بحدّ ذاته، وقد جاءت من الموروث الشّعبيّ، ومنشؤها اجتماعيّ يرتبط ببيئة الرّاوي والمستمعين، وكانت هذه الحكايات هي التي تؤنس مجالس السّمر، وإفساحًا في المجال لتنويع الحكايات، واستمراريتها كانت تضاف الخبريات والأحداث على الحكاية، ما يبعد الملل عن السّامعين.
وبالنّظر إلى عبارة كان يا ما كان نرى أنّها قد تغيرت، فكانت عبارة طويلة: "كان يا مكان، يا مستمعي الكلام، الآن نحكي وبعد قليل ننام"، وقد يُضاف إليها عبارات ترتبط بالمفهوم الدّينيّ، ومع مرّ الزّمن اقتصرت على الجزء الأوّل منها. وربما لم يهتم الطّفل يومًا لمعنى هذه العبارة أو أهميتها، إنّما هي إشارة تدلّه على بدء الكلام، وفيها من التّشويق الذي يدفعه إلى الإنصات، والاستعداد إلى ما سيلقى عليه.