لا زالت مسألة تأصيل النوع أو التجنيس لأي نوع أدبيّ، عرضة لاشتباك آراء النُّقاد وتباينها وافتراقها في كثير من الأحيان. وهذا يعود حكماً، برأينا الى افتقار المفاهيم النقديّة لفكر فلسفي حاسم، يقوم على منطلقات فكريّة مُلازمة أو مُتماهية مع مسار الآداب والفنون بمختلف أنواعها، لارتكازها على المدارس النقديّة الغربيّة وإسقاطها على الأدب العربي، دون التنبّه الى العناصر الروحيّة الحضاريّة المُتباينة بينهما.
دأب ملتقى الأدب الوجيز على استقصاء الأزمان الأدبيّة، الغربيّة منها والعربيّة، خاصّة المدارس النقديّة، وأقام المُقارنات في سياق التطور الفكري المبني على رؤى مُتجددة تُعاصر انفلات المُخيّلة الى حدودها القصوى، وكانت قناعاتنا تزداد إصراراً على ابتكار زمن فكري جديد، يتجاوز السائد ويبني مسارات نقديّة جديدة تؤسس لقيام مذهب أدبيّ جديد، يعتمد الاتساع الداخلي في اللغة والعودة من اللطافة الى الكثافة، فالتكثيف عصارة التجارب الأدبيّة، والطريق الأجدى لاستنطاق غموض الكون وسبر أغواره، كان لا بُدّ من تجاوز المُخيّلة السائدة، والإطلال على مساحات فكريّة لا زالت مكنونة.